“في ذكرى يوم مولدي”

توقفت قليلًا أمام مرآة العمر.
نصفه الأول قضيته في العراق،
طفولتي ومراهقتي، أيامي الأولى،
صوت أمي في الصباح، رائحة الخبز الحار،
ومدارس الحي، وضحكات الأصدقاء في الزقاق.
كنت جزءًا من الطين، من تراب الوطن،
أحمل على كتفي شمس دجلة،
وفي عروقي تجري مياه الفرات.
ثم رحلت،
تركت خلفي دفاتر الذكريات، و البومات الصور التي فقدتها في زحمة الرحيل،
ورحلت بي الحياة إلى رومانيا ثم المانيا التي اعيش حاليًا فيها
بلد علّمني الكثير،
عن الغربة، عن الاستقلال، عن الثبات حين لا سند.
عشت تجارب كثيرة علمتني و صنعتني.
تعثرت و وقعت، وقمت، وابتسمت رغم التعب.
وصنعت بيتًا من حنين، وجدرانه من الصبر.
واليوم، وأنا أقف بين ضفّتين،
اشعر أن روحي هي خليط من حضارتين،
و لكن قلبي… لا يزال هناك،
ينبض لبغداد والوركاء و دجلة و الفرات،
لحبي الأول، وَجعي الجميل،
مَهدي، ومرآة نفسي الأولى.

تعلمت أن الخسارات ليست نهاية، بل بدايات متنكرة، وأن الألم ليس عدوًا، بل معلم صادق.
تعلمت أن الصبر لا يضيع، وأن الأحلام تنمو ببطء لكنها تزهر إن سُقيت بالإيمان والعمل.
تعلمت أن الناس يتغيرون، وكذلك أنا، فالنضج ليس فقط أن تفهم الآخرين، بل أن تسامح نفسك وتُحبّها كما هي.
في هذا اليوم، لا أحتفل فقط بعدد السنين، بل بما زرعته خلالها من خير، وبما كسبت من قلوب، وبما فقدت من وهم.
شكراً لكم اخواني و احبائي و اصدقائي الاعزاء على قلبي.
لقد ازداد يومي فرحاً و سعادة بتهانيكم الجميلة الصادقة و كلماتكم الرقيقة، فأنتم القلوب الطيبة التي كسبتها من سنوات عمري الماضية و التي ستكون معي إلى الأبد ان شاءالله.
قاسم السعداوي